مناجـــاة القـــــمـر
2 posters
Page 1 of 1
مناجـــاة القـــــمـر
مناجـــاة القـــــمـر
أيها القمر المنير:
إنك أنرت الأرض: وهادها ونجادها، سهلها و وعرها، وعامرها وغامرها، فهل لك أن تشرق في نفسي فتنير ظلمتها، وتبدد ما أظلمها من سحب الهموم والأحزان؟
أيها القمر المنير:
إن بيني و بينك شبها و اتصالا، أنت وحيد في سمائك، وأنا وحيد في أرضي، كلانا يقطع شوطه صامتا منكسرا حزينا، لا يلوي على أحد ولا يلوي أحد عليه، وكلانا يبرز للآخر في ظلمة الليل فيسايره ويناجيه، يراني الرائي فيحسبني سعيدا، لأنه يغتر بابتسامة ثغري، وطلاقة في وجهي، ولو كُشف له عن نفسي و رأى ما تنطوي عليه من الهموم والأحزان لبكى لي بكاء الحزين إثر الحزين، ويراك الرائي فيحسبك مغتبطا مسرورا، لأنه يغتر بجمال وجهك ولمعان جبينك، وصفاء أديمك، و لو كُشف له عن معالمك لرآه عالما خرابا، و كونا يبابا، لا تهُب فيه ريح ولا يتحرك شجر، و لا ينطق إنسان، و لا يبغم حيوان.
أيها القمر المنير:
كان لي حبيب يملأ نفسي نورا، و قلبي لذة وسرورا، وطالما كنتُ أناجيه ويناجيني بين سمعك وبصرك، وقد فرق الدهر بيني و بينه، فهل لك أن تحدثني عنه، و تكشفَ لي عن مكان وجوده؟ فربما كان ينظرُ إليك نظري، ويناجيك مناجاتي، و يرجوك رجائي.
و هاأنذا يخيل إلي أني أرى صورته في مرآتك، وكأني أراه يبكي من أجلي كما أبكي من أجله، فأزداد شوقا إليه، وحزنا عليه... فابق في مكانك طويلا تطـُل وقفتنا، ويدوم اجتماعنا.
أيها القمر المنير:
ما لي أراك تنحدر قليلا قليلا إلى مغربك كأنك تريد أن تفارقني، و ما لي أرى نورك الساطع قد أخذ في الانقباض شيئا فشيئا، و ما هذا السيف المسلول الذي يلمع في جانب الأفق على رأسك. قف قليلا، لا تغب عني، لا تفارقني، لا تتركني وحيدا، فإني لا أعرف غيرك، ولا آنس بمخلوق سواك.
آه، لقد طلع الفجر، ففارقني مؤنسي، وارتحل عني صديقي، فمتى تنقضي وحشة النهار، ويقبل إلي أنس الظلام!
عن النظرات، مصطفى لطفي المنفلوطي
أيها القمر المنير:
إنك أنرت الأرض: وهادها ونجادها، سهلها و وعرها، وعامرها وغامرها، فهل لك أن تشرق في نفسي فتنير ظلمتها، وتبدد ما أظلمها من سحب الهموم والأحزان؟
أيها القمر المنير:
إن بيني و بينك شبها و اتصالا، أنت وحيد في سمائك، وأنا وحيد في أرضي، كلانا يقطع شوطه صامتا منكسرا حزينا، لا يلوي على أحد ولا يلوي أحد عليه، وكلانا يبرز للآخر في ظلمة الليل فيسايره ويناجيه، يراني الرائي فيحسبني سعيدا، لأنه يغتر بابتسامة ثغري، وطلاقة في وجهي، ولو كُشف له عن نفسي و رأى ما تنطوي عليه من الهموم والأحزان لبكى لي بكاء الحزين إثر الحزين، ويراك الرائي فيحسبك مغتبطا مسرورا، لأنه يغتر بجمال وجهك ولمعان جبينك، وصفاء أديمك، و لو كُشف له عن معالمك لرآه عالما خرابا، و كونا يبابا، لا تهُب فيه ريح ولا يتحرك شجر، و لا ينطق إنسان، و لا يبغم حيوان.
أيها القمر المنير:
كان لي حبيب يملأ نفسي نورا، و قلبي لذة وسرورا، وطالما كنتُ أناجيه ويناجيني بين سمعك وبصرك، وقد فرق الدهر بيني و بينه، فهل لك أن تحدثني عنه، و تكشفَ لي عن مكان وجوده؟ فربما كان ينظرُ إليك نظري، ويناجيك مناجاتي، و يرجوك رجائي.
و هاأنذا يخيل إلي أني أرى صورته في مرآتك، وكأني أراه يبكي من أجلي كما أبكي من أجله، فأزداد شوقا إليه، وحزنا عليه... فابق في مكانك طويلا تطـُل وقفتنا، ويدوم اجتماعنا.
أيها القمر المنير:
ما لي أراك تنحدر قليلا قليلا إلى مغربك كأنك تريد أن تفارقني، و ما لي أرى نورك الساطع قد أخذ في الانقباض شيئا فشيئا، و ما هذا السيف المسلول الذي يلمع في جانب الأفق على رأسك. قف قليلا، لا تغب عني، لا تفارقني، لا تتركني وحيدا، فإني لا أعرف غيرك، ولا آنس بمخلوق سواك.
آه، لقد طلع الفجر، ففارقني مؤنسي، وارتحل عني صديقي، فمتى تنقضي وحشة النهار، ويقبل إلي أنس الظلام!
عن النظرات، مصطفى لطفي المنفلوطي
Chinda- Posts : 57
Join date : 2011-01-27
Location : Moonland
Page 1 of 1
Permissions in this forum:
You cannot reply to topics in this forum